هجوم رفح يتلقى تأييداً ضمنياً من لندن

على الرغم من ضغوط مزعومة تقول الولايات المتحدة أنها تبذل لمنع تنفيذ عملية كبيرة في منطقة رفح حيث يحتمي أكثر من مليون فلسطيني، يصر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين ناتنياهو على أن جيشه سيشن هجوماً برياً على رفح لاقتلاع ما تبقى من هيكلية المقاومة الفلسطينية، وهو تلقى دعماً ضمنياً من جانب لندن، حيث قال وزير خارجيتها إن هنالك الكثير من الشروط التي يجب الوفاء بها أولاً من أجل التوصّل إلى وقف دائم لإطلاق النار في القطاع المحاصر.

الحكومة البريطانية تريد تفكيك البنية التحتية للإرهاب في قطاع غزة قبل التوصل إلى وقف دائم لوقف النار هناك

سعيد محمد – لندن

في خطابه أمام لجنة برلمانية (الثلاثاء)، أقر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بأن الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن يعارض تنفيذ الجيش الإسرائيلي لعملية برية في رفح، لكنه أخبر نواب الكنيست الحاضرين في جلسة للجنة الشؤون الخارجية والدفاع بأنّه لا توجد طريقة أخرى أمام الدّولة العبريّة لتحقيق هدفها المتمثل في اقتلاع حركة (حماس) من القطاع، وهو أمر تتفق الولايات المتحدة مع إسرائيل عليه من حيث المبدأ.

على أن نتانياهو تلقى دعماً ضمنياً للعمليّة من حليفه البريطاني وذلك على لسان ديفيد كاميرون، وزير خارجية حكومة جلالة الملك، الذي قال في حديث للصحافة أثناء زيارة رسميّة يقوم بها إلى تايلند (الأربعاء) بأنّه “من الضروري التوصل إلى وقف للقتال في قطاع غزّة من أجل الإفراج عن (الرهائن) المحتجزين هناك”، لكنّه استدرك “بأن هناك مع ذلك الكثير من الشروط التي يجب الوفاء بها أولا من أجل وقف دائم لإطلاق النار”.

واعتبر كاميرون أن الهجمات التي شنتها المقاومة الفلسطينية على مدنيين إسرائيليين في السابع من أكتوبر الماضي واحتجازها ل(رهائن) أمر غير إنساني، وغير مقبول، وأن “السبيل الوحيد لضمان مستقبل الشعب الفلسطيني هو إخراج (حماس) من الصورة نهائياً”.

ويتجاهل المسؤولون البريطانيون في تصريحاتهم بشأن غزّة مقاومة الشعب الفلسطيني التي تشارك فيها مختلف الفصائل والأفراد، ويحملون (حماس) مسؤولية جرائم الإبادة التي ينفذها الجيش الإسرائيلي ضد سكان القطاع والذي تجاوز عدد الشهداء والمفقودين والجرحى فيه المائة ألف إنسان.

كاميرون، الذي يزور تايلند لتوقيع شراكة استراتيجيّة مع نظامها، وربما بيع الجيش التايلندي أسلحة وعتاداَ من انتاج الصناعات العسكريّة البريطانيّة، قال للصحفيين “إن ما يجب أن نحاول القيام به بشكل أكيد هو تحويل صفقة محتملة لتبادل الأسرى (بين إسرائيل وحماس) إلى وقف دائم ومستدام لإطلاق النار”. مشيراً إلى أن بلاده ستدفع باتجاه ذلك فقط إذا تم استيفاء الكثير من الشروط، بما في ذلك “إخراج قادة (حماس) من القطاع”، و”تفكيك البنية التحتية للإرهاب – على حد تعبيره –”.

وتبدو تصريحات كاميرون موقفاً متقدماً في دعم جدل نتانياهو مع البيت الأبيض الذي يزعم بأنّه يبذل جهوداً مع الدّولة العبريّة لتجنب سفك دماء المدنيين أثناء عمليّة (اقتلاع) المقاومة مما تبقى من جنوب القطاع – إلى جوار الحدود المصريّة -.

وكان جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأمريكي قد أعلن في وقت سابق خلال مؤتمر صحفي له بأن “عملية برية كبيرة يشنها الجيش الإسرائيلي في رفح ستكون (خطأً) يتسبب بمقتل المزيد من المدنيين الأبرياء، وتفاقم الأزمة الإنسانية المخيفة بالفعل، وتعميق الفوضى في غزة، وزيادة عزلة إسرائيل دولياً”. كما أن وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، الذي يقوم بجولة له في عواصم شرق أوسطية بزعم التداول في متطلبات بناء سلام دائم في المنطقة، صرّح بأنّه “من واجب إسرائيل، وهي تعمل على الدفاع عن نفسها ومنع حدوث 7 أكتوبر آخر، أن تجعل من أولوياتها حماية المدنيين – أولئك الذين يقعون في طريق العمليات العسكريّة – وتوفير احتياجات من هم في أمس الحاجة إلى المساعدة الإنسانية”. وسيرسل نتانياهو وفداً رفيع المستوى إلى واشنطن هذا الأسبوع للاستماع إلى اقتراحات إدارة بايدن حول السبل التي ترى الولايات المتحدة أن على إسرائيل اتّباعها لتحقيق أهدافها في رفح دون اجتياح بري. لكن الجنرال تشارلز براون رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية استبق وصول الوفد بقوله إنه لا يستطيع تقديم بديل لهجوم رفح الإسرائيلي لكن أكد على أن “واشنطن ستواصل تقديم المشورة لحليفتها إسرائيل بناء على خبرتها الخاصة في حرب المدن”.

وفي هذه الأثناء، وبينما يستمر الزعماء الغربيّون في الإدلاء بالتصريحات، يواصل الجيش الإسرائيلي استكمال استعداداته لتنفيذ اجتياح بريّ لرفح يرى الخبراء بأنه سيكون بمثابة مذبحة تامة بسبب تجمع مئات الآلاف من المدنيين في رقعة صغيرة من الأرض، أغلبهم ممن هجرتهم القوات الإسرائيلية من شمالي ووسط القطاع.

نشر هذا التقرير في صفحة الدّوليات بجريدة الأخبار اللبنانية عدد 21 مارس 2024

Leave a comment

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.